وسائل الإعلام وأثرها على الأطفال


وسائل الإعلام وأثرها على الأطفال


قبل البدء أذكر قصة استمعت إليها في إحدى الندوات التي تحدثت عن تأثير وسائل الأعلام على الأطفال، وهي قصة لطفلة صغيرة طلبت من والدها كتابا معيناً وأوصته بشرائه، فمر اليوم الأول والثاني والثالث وهي تكرر عليه الطلب ولم يحضر الكتاب المطلوب، فانزعجت من ذلك وضاق صدرها، فما كان منها إلا أن قالت لوالدها: طلّقني!!

وفي نظري أن هذه القصة لا تحتاج إلى تعليق لبيان مدى تأثير وسائل الإعلام على الأطفال بحيث امتد هذا التأثر إلى مختلف ما يعرض من مسلسلات وأفلام وغيرها، ومن الطريف أن يتأثر الكبار بأفلام الصغار!! فقد نشرت جريدة الرياض تحقيقاً حول هذا الموضوع في عددها الصادر يوم الجمعة5/2/1428هـ الموافق 23/2/2007م، برقم (14123)، وكان عنوان التحقيق: "شباب ينافسون الصغار على متابعة أفلام الكرتون"! ونقل معد التحقيق مقابلات عدة من بعض المصادر الإعلامية، وليس هذا موضع ذكر ما جاء في هذا التحقيق؛ لخروجه عن موضوع هذه المقالة، وبالإمكان مراجعته في مصادره التي نشرته.

ومن البحوث المهمة ما نشرته كلية التربية بجامعة الملك سعود ضمن سلسلة المحاضرات التربوية الأولى بعنوان: "نحو تربية أفضل لأطفالنا" والتي أقيمت بالتعاون مع مركز الأمير سلمان الاجتماعي في الفترة 3-4/1/1425 هـ الموافق 23-24 فبراير 2004م. وهذه البحوث تم نشرها في حينه في كتاب يقع في (123) صفحة من الحجم المتوسط.

وقد تضمنت هذه الندوة ست محاضرات أذكر منها ماله صلة بموضوع وسائل الإعلام وأثرها:
1- محاضرة لسعادة الدكتور/ إبراهيم بن حماد الريس الأستاذ المشارك بكلية التربية/ قسم الثقافة الإسلامية/ وكان عنوانها: "أثر وسائل الإعلام في تربية الطفل".

2- ومحاضرة لسعادة الدكتور/ خالد بن عبد الله القاسم الأستاذ المشارك بكلية التربية/ قسم الثقافة الإسلامية/ وكان عنوانها: "التربية الوقائية: مفهومها وأثرها".

وسأحاول في هذه العجالة استعراض مجمل ما جاء في هاتين المحاضرتين.

وسأبدأ في هذه المقالة بذكر ملخّص لمحاضرة سعادة الدكتور إبراهيم الريس حيث صدّرها بهذا التساؤل: لماذا نتحدث عن وسائل الإعلام؟ ولماذا خصص الحديث حول الطفل بالذات؟ وما ذا يعني بمفهوم الإعلام؟ ثم أجاب عن ذلك ذاكرا التأثير السريع لوسائل الإعلام، ولصفاء ذهن الطفل وسرعة تأثره، ثم أشار إلى دراسات علمية تؤكد انكماش دور كثير من الأسر في التربية وتراجعها ليقوم التلفاز بالدور؛ إذ يتجاوز ما يشاهده الطفل – أحياناً – من برامج تلفازية الساعات التي يقضيها بين يدي ألمعلم أو في رفقة الأبوين!

ثم سرد بعض الدراسات العلمية وما ورد فيها من إحصائيات حول هذه الجزئية، ثم تحدث بعد ذلك عن ثلاثة محاور رئيسة، وهي:
1- الجانب الإيجابي في الوسائل الإعلامية (تجاه تربية الطفل).
2- الجانب السلبي في الوسائل الإعلامية (تجاه تربية الطفل).
3- توصيات وتنبيهات.

وتضمن المحور الأول عددا من الإيجابيات منها:
* أن الإعلام المرئي يجمع بين الدور التثقيفي والتربوي والترفيهي.

* مخاطبة حاستي السمع والبصر عند المتلقي مما له أثر فاعل في جذب الانتباه، وهذا الأسلوب يعد من أهم الوسائل التعليمية المتميزة.

* قدرته على إشباع الاحتياجات الإنسانية لمرحلة الطفولة وبخاصة حاجات النمو العقلي مثل: الحاجة إلى البحث والحاجة إلى حب المعرفة وحب الاستطلاع، وغيرها.

* تنمية خيال الطفل وتغذية قدراته.

* ثم ذكر المحور الثاني، وهو الجانب السلبي وهو الجانب الغالب على كثير من البرامج التلفازية، وتم التركيز في هذا المحور على أبرز الآثار التي تنتجها البرامج المتلفزة للأطفال وخاصة برامج الرسوم المتحركة؛ لأنها أكثر برامج الأطفال شيوعا وأقلها تكلفة وأيسرها إعدادا وإخراجا خاصة مع وجود البرامج الحاسوبية التي تستطيع القيام بأداء جهود أسطول كامل من العاملين فتنخفض بذلك التكلفة ويتيسر الإخراج.

ومن أظهر أسباب خطورة برامج الأطفال في العالم العربي اليوم اعتمادها على المضمون الأجنبي بقيمه ومفاهيمه وعاداته وسلوكياته.

ومن التأثيرات السلبية:
• أولاً: التأثير العقدي من خلال تقديم مفاهيم عقدية أو فكرية مخالفة للإسلام، ومن ذلك: زعزعة عقيدة الطفل في الله سبحانه وتعالى، واشتمالها على بعض العبارات القادحة في العقيدة؛ كالتذمر من القدر والاعتراض على تدبير الله، والتمجيد للسحر، وغير ذلك.

• ثانياً: التأثير الأخلاقي

• ثالثاً: التأثير الأمني، ويتمثل في صورتين:
أ- ما تبنيه هذه البرامج من سلوك يدعوا للعنف والجريمة والاستخفاف بالحقوق والدماء.

ب- زعزعة روح انتماء وولاء الطفل لأمته بحيث يرتبط فكره وسلوكه وحبه وولاءه ونصرته لما تبنيه وترسخه هذه البرامج من قيم وثقافات مناقضة لثقافة أمته.

والرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروّج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة والسلوك، والسعي للوصول للنصر والغلبة في خضم حمى السباق والمنافسة بكل طريق، فالغاية تبرر الوسيلة!! كما تعمل على تحريف القدوة؛ وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين والخرافيين بدل الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، وعلى سبيل المثال تجد الرجل الخارق Super man، والرجل الوطواط Bat man، والرجل العنكبوت Spider man، وغيرهم من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها بحيث تضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من أي بعد إيماني.

• رابعاً: التأثير الاقتصادي الاستهلاكي.
وذلك بما تعرضه قنوات التلفزة أثناء تقديمها لبرامجها من الدعايات والإعلانات المبهرة لمختلف المنتجات، فيتأثر الأطفال بها بل يحفظوا ألفاظها، وتكون لديهم رغبة ملحّة في اقتناء تلك المنتجات بصرف النظر عن قيمتها المالية والغذائية!! وقد يوافقهم الآباء على ذلك تحت الإلحاح والإصرار.

• خامساً: التأثير الجسمي (البدني):
ويظهر ذلك في التأثير على بناء شخصية الطفل وعلى صحته، وجاء في التقرير الذي نشرته مجلة اليونسكو عن نتائج الاستطلاع الياباني المتعلق بتأثير وسائل الإعلام على الطفل: ((إن فيض المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام يعطّل تطور القدرات التأمليّة الخلاّقة لدى الأطفال)).

وأما المحاضرة الثانية فهي لسعادة الدكتور/ خالد بن عبد الله القاسم بعنوان: (التربية الوقائية، مفهومها، وأثرها).

ولا شك أن لهذه الوسائل فوائد متنوعة أكثر من أن تحصر، لا سيما في مجال المعلومات والترفيه، إلا أن تلك الفوائد ليست خالصة، بل يشوبها كثير من المضار خاصة على المراهقين والأطفال إذا ما علمنا أن مصادر ما يبث من معلومات وبرامج تأتي في الأغلب من بيئات مختلفة عنا ثقافة وقيماً وديناً، وهذا يحملنا جميعاً مسئولية كبيرة تجاه أطفالنا ابتداءً من الأسرة ممثلة بالوالدين، ومروراً بالعلماء والتربويين، وانتهاء بالحكومات ممثلة في مؤسساتها المختلفة من وزارات الإعلام والتربية والشؤون الإسلامية والثقافة والشباب.

وأيضاً فإن الغفلة عن تأثير الفضائيات المختلفة وما يستوجبه هذا التأثير من مخاطر تربوية اعتماداً على قوة العقيدة وفطريتها؛ ليس من دأب التربويين العقلاء الحريصين على حفظ الأبناء من أي انحراف كما أنه مخالف للواقع، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).

فقوة العقيدة وفطريتها لا يعني عدم قابليتها للتغيير.

والتربية الوقائية في ظل كثرة المؤثرات ضرورة ملحة لجميع المؤسسات التربوية من مدرسة ومسجد ومعهد، ونخص بالذكر الأسرة التي هي أقدم مؤسسة تربوية، كما أن دورها يبدأ قبل دور أي مؤسسة تربوية أخرى".

ثم تحدّث سعادة الدكتور خالد عن آثار القنوات الفضائية على الأطفال ذاكراً أن دراسات عدّة متنوعة ذكرت أن أطفال ما قبل المدرسة يقضون ما بين ثلث إلى نصف أوقاتهم في مشاهدته؛ فإذا دخلوا المدرسة تكون المدة التي يقضونها في مشاهدته مساوية تقريباً للمدة التي يقضونها على مقاعد الدراسة، كما أنه يستحوذ على وقت طويل من إجازتهم؛ ففي دراسة لمجلة المعرفة التابعة لوزارة المعارف بالسعودية حول قضاء الطلاب للإجازة الصيفية تبين أن 30% من الطلاب يضعون الأولوية لمشاهدة التلفزيون و11% للقراءة[1].

كما تؤكد تلك الدراسات أن برامج التلفزيون لها دور بارز في ثقافة الطفل والتأثير على قدراته واتجاهاته[2].

ومن أهم آثار التلفزيون:
1- التلفزيون وإفساد القيم:
تنبهت منظمة اليونسكو إلى أن محطات التلفزة العربية تستورد نصف ما تبثه من المصادر الغربية[3]، ومن ذلك:
أ- عرض مظاهر الكفر؛ حيث يألف الأطفال كثيراً من تلك المظاهر.

ب- استضافة السحرة والكهان كما تفعله بعض الفضائيات وفي هذا خطر بالغ على المراهقين.

ج- الدعاية لبعض البدع التي يعملها بعض المسلمين لا سيما بدع التصوف من الموالد والتبرك بالقبور، وغير ذلك.

د- التشبه بالكفار حيث إن كثرة متابعة الأفلام المنتجة في الغرب تجعل الطفل يعجب بشخصيات الأفلام أو طرق حياتهم، وهذا بطبيعته يجعله يسعى للتقليد. ومن المعلوم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار[4].

ويوجد في أفلام الكرتون العديد من القيم المخالفة، وربما صورت عرشاً يعتليه ملك فوق السماء يأمر وينهى، أو ملائكة، ونحو ذلك.

كما أن مشكلة إفساد أفلام الكرتون للقيم والتأثير على عقول الأطفال لا يقتصر على العرب والمسلمين؛ بل سعت دول آسيوية أخرى تعاني بدورها من نفس المشكلة؛ فقد حذر خبير فنون كوري هو البروفيسور هان أستاذ قسم الرسوم المتحركة بجامعة سيجونغ بكوريا الجنوبية من هذه الرسوم واللعب لا سيما التي تنتجها (والت ديزني) الأمريكية؛ حيث قال: "إنها تمجد قيم الحضارة الأمريكية، كما حذر من الرسوم المتحركة اليابانية المعقدة التي تضع نظرة تشاؤمية للمستقبل وتنشر الخرافات، ودعا هان إلى ضرورة اعتماد شخصيات وقصص كرتونية وطنية تعبر عن الذات الدينية والحضارية والثقافية"[5].

2- التلفزيون والثقافة:
الأول: أن كثيراً من البرامج الثقافية مملة وغير ممتعة، أو جذابة مقارنة بالبرامج الأخرى مما يجعلها لا تلاقي إقبالاً من الجمهور.

الثاني: أن كثيراً من الناس لا يحرص على تلك البرامج انطلاقاً من عدم حرصه على الثقافة.

الثالث: أن البرامج الثقافية قليلة في التلفزيون مقارنة بالبرامج الأخرى.

الرابع: أن أكثر البرامج الثقافية في أوقات غير مناسبة، حيث تحتل البرامج الأخرى في الغالب الأوقات الممتازة.

ويقابل تلك الفوائد الثقافية المحدودة بهذه العوامل العلاقة السلبية بين طول زمن مشاهدة التلفزيون وبين القراءة كما أثبتتها بعض الدراسات[6]. 

ثم تحدّث د. خالد عن:
3- التلفزيون والأخبار، وعن 4-التلفزيون والترفيه، وعن 5-التلفزيون والسلبية.
ثم عن: 
6- التلفزيون والعنف: وذكر "أن كثيراً من برامج الأطفال لا سيما الكرتونية تنمي العنف لديهم بشكل مريع، وعلى سبيل المثال يحتل العنف 42% من شخصيات سلاحف النينجا و40% من القط والفار و24% من جرايندايزر. وتنوعت أشكال العنف الذي مارسته الشخصيات الكرتونية: 35% مشاجرات، و33% مقالب، و14% معارك، و5% تعذيب، و5% تهديد، وأن الأطفال يميلون لتقليد ما يشاهدونه بنسبة 81% للذكور، و35% للإناث[7].

يقول الناقد الإعلامي جورج غويتر: "إن الذين يشاهدون التلفزيون بكثرة يرون العالم أكثر عنفاً مما هو عليه، وهم أكثر شكاً من الذين لا يشاهدونه"[8].

ثم تحدث د. خالد عن: التلفزيون والجنس، وعن التلفزيون والمجتمع، ثم أشار إلى دراسات متنوعة في أماكن مختلفة عن آثار التلفزيون على الأطفال، ومنها:
1- دراسة لعلي أسعد طه حول المتغيرات التربوية للمشاهدة التلفزيونية عند الأطفال نشرتها مجلة جامعة الملك سعود (العلوم التربوية والدراسات الإسلامية) توصلت الدراسة إلى ما يلي:
أ- يؤكد الأطفال أهمية الدور التعليمي والتثقيفي للتلفزيون، وهم مقابل ذلك يعطون للمدرسة دوراً أكثر أهمية فيما يتعلق بهذا الدور.

ب- تؤكد نتائج الدراسة وجود شريحة واسعة من الأطفال الذين يتعرضون لتأثير أفلام الكبار والسهرة.

ج- هناك شريحة واسعة من الأسر التي لا تمارس أياً من عمليات ترشيد الاستهلاك الإعلامي التلفزيوني وتترك لأطفالها الحبل على الغارب في مشاهدة الأفلام غير المخصصة لهم، وبالإضافة إلى ذلك فإن أفراد هذه الأسر لا يوجّهون أطفالهم إلى مشاهدة أي من البرامج المفيدة.

تحتل الأفلام المتحركة المستوردة والتي تتسم بطابع العنف أولوية اهتمام الأطفال، ويلاحظ ندرة البرامج التعليمية والعلمية التي وردت في سلم أوليات إجابات الأطفال[9].

2- وتعد دراسة هلد ت. هيملويت (التلفزيون والطفل) من الدراسات الجيدة التي أجريت حتى اليوم على تأثير التلفزيون على الطفل، وقد أجري البحث على عينة بلغت 927 من الأطفال البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والرابعة عشرة من العمر، وقد تناولت الدراسة قضايا متعددة جداً حول مسألة العلاقة بين الطفل والتلفزيون، ومن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة: أن الأطفال الذين لا يشاهدون التلفزيون يفوقون الأطفال المشاهدين في مستوى الأداء المدرسي، وأن الأطفال يشاهدون التلفزيون من 13 إلى 15 ساعة أسبوعياً، وأن أكثرية الأطفال يشاهدون التلفزيون في المساء مع ذويهم، وتبين الدراسة ضعف مراقبة الآباء وتوجيههم فيما يتعلق بمشاهدة أطفالهم لبرامج التلفزيون.

وبعد استعراض هذه الدراسات ذكر د. خالد 18 عاملاً منالعوامل الوقائية لتلافي الآثار السيئة للقنوات الفضائية ووسائل الإعلام الأخرى، ومنها:
1- التربية الإسلامية بمفهومها العام هي خير معين لتجنب وتقليل الآثار السلبية للقنوات، ودعم التأثير الإيجابي.

2- تهيئة البيئة الصالحة في البيت والمدرسة والجيران للحفاظ على فطرة الله من البداية.

3- الثقافة الوقائية؛ حيث يجب على الآباء تثقيف أنفسهم بمعرفة آثار التلفزيون على الأطفال ووسائل تجنب مخاطره. تقول إليزابيث ثومان التي تدير مركزاً يعطي دروساً لتوعية الآباء عن طريق دورات بعنوان: (الآباء في عصر التلفزيون) مدتها ثماني ساعات: "إذا كان الأطفال سيشاهدون 20.000 ساعة قبل التخرج في المدارس العليا أفلا يتوفر لدى الآباء ثماني ساعات للتأكد من أن وقت المشاهدة سيكون مثمراً أو على الأقل ليس مخرباً؟"[10].

كما يجب تحصين الأولاد وتثقيفهم ثقافة وقائية مما في الشبكة العالمية (الإنترنت)؛ وعدم التسليم بكل ما فيها، نظراً لوجود كثير من الأمور الباطلة في مواقع كثيرة في الشبكة، ومن ذلك:
- إثارة التحريف في كلام الله من خلال اختلاق قراءات جديدة.

- وجود كثير من الشُّبَه على الدين الإسلامي في مواقع منحرفة.

- مواقع الدردشة المفتوحة وما فيها من تضليل وانحراف.

- مواقع إسلامية غير موثوقة تنشر فتاوى مضللة أو معلومات منحرفة.

- مواقع بأسماء إسلامية لفرق إسلامية منحرفة تحوي عقائد باطلة.

- مواقع تتضمن منشورات ومعلومات ضد علماء الإسلام.

- مواقع تتضمن نشرات جنسية فاضحة.

- وغير ذلك من أساليب التضليل والإغواء.

4- إيجاد البدائل المفيدة.

5- التربية بالترويح من خلال ممارسة الأطفال والشباب كل ما يروح عنهم من ألعاب وترفيه بريء.

6- التربية بالقدوة: حيث من السهولة تأليف مؤلف في التربية أو وضع نظرية، ولكن من الصعوبة جعله بشراً يتحرك، ومن الصعوبة لعامة الناس أخذ المنهج من مؤلفات وكتب، ولكن من السهولة أخذه من نموذج حي. والتربية بالقدوة لها أثر بالغ في التربية الوقائية بل وفي صلاح الأمم، وما إرسال الرسل بشراً إلا ليقتدى بهم.

7- التربية بالتعليم: لما للتعليم من دور كبير في التربية الوقائية.

8- التربية بالأحداث: واستغلال المناسبات المختلفة؛ لأخذ العبر والعظات، فالحياة أحداث ومواقف متتالية، والأحداث والمواقف لها عواملها وأسبابها، ولها كذلك نتائجها ومخرجاتها، وفي كل حدث أو موقف يكمن درس ينبغي أن نعيه.

9- اكتشاف ميولهم ومواهبهم المفيدة وتنميتها، وهذا يساهم في صرفهم عن ميولهم الضارة كما سيساعدهم على تكوين ذواتهم وكمال شخصياتهم.
10- تعليمهم المسئولية، وتحميلهم إياها منذ الصغر، وإشراكهم فيها، ويرى جميع المربين أن تنمية الشعور بالمسئولية لدى الطفل ينبغي أن يكون الهدف الذي تسعى إليه تربيته وتعليمه.

11- التربية الوقائية بالحوار وتعويدهم الصراحة ومناقشتهم في كافة الأمور المفيدة، ومن ذلك مشاورتهم في الأمور العائلية، وإشراكهم في القرارات الأسرية كل حسب سنه ونضجه، وسماع آرائهم واحترامها، وهذا له دور في بناء شخصيتهم، وبناء القناعات المفيدة التي يتبناها الولد في المستقبل، والتي تساعده في الوقاية مما يسيء إليه.

12- وضع عدة تدابير وقائية مباشرة للحد من خطورة التلفزيون مثل:
أ- وضع نظام وقتي للمشاهدة يطبقه الأولاد بإشراف الوالدين برقابة ذاتية منهم، ويهدف إلى تقليل تأثير التلفزيون على نشاطاتهم الأخرى مثل الصلاة والقراءة والزيارات والواجبات الدراسية والنوم المبكر.

ب- وضع جهاز التلفزيون في مكان عام في المنزل حتى لا ينفرد الطفل أو المراهق بمشاهدته.

جـ- إغلاق التلفزيون يوماً في الأسبوع أو أياماً من الشهر أو أيام الاختبارات، وتعويد الأسرة الاستغناء عنه تلك الأيام دون الضجر من ذلك بل بقناعة كاملة، وهذا ما حصل في اكثر من ألف مدرسة بأمريكا منها 300 بمشقن شجعت الطلاب على إغلاق التلفزيون وأخذ إجازة منه أسبوعاً كل عام لأهمية ذلك على العلاقات الاجتماعية[11].

وهناك أم أمريكية اسمها فرانسيس مورلابي أدركت أن التلفزيون خطر على أولادها، وقد سجلت تجربة طوال عقد من الزمن ومارست خلاله عملاً دؤوباً في تربية أولادها بعيدا عن التلفزيون وسجلت هذه التجربة في كتاب بعنوان: (ماذا تفعل بعد إغلاق التلفزيون) أوضحت في الكتاب الفوائد النفسية والاجتماعية والتربوية والثقافية التي جنتها أسرتها من إغلاق التلفزيون، وأن صديقاتها اللاتي حذون حذوها أكدن ذلك"[12].

في شهر يناير 1995م وفي ولاية كيناتكت مول مجلس مكتبة فارمينغتن العامة وهيئة التعليم بالبلدة حملة لإغلاق التلفزيون لمدة شهر؛ ومع أن الاستجابة كانت متفاوتة وليست كبيرة إلا أن عدداً كبيراً من المدرسين لاحظوا التغيرات الإيجابية التي طرأت على الطلاب المستجيبين؛ فقد زاد انتباههم، وقلَّ الإرهاق، وتحسن مستوى تحصيلهم، تقول إحدى الطالبات من بلدة فارمينغتن: لقد قرأت في هذا الشهر مزيداً من الكتب، ومارست مزيداً من الألعاب، ووجدت وقتاً كافياً لترتيب غرفتي.

لذا يطالب الخبير التربوي هارفي ديوتيل بضرورة إغلاق التلفزيون من أجل القراءة ومن أجل حياة الأسرة ومن أجل الإبداع، وفي الأسبوع الأخير من إبريل 1996م نظمت جمعية من المربين وأولياء الأمور في أمريكا أسبوعاً لإغلاق التلفزيون على مستوى البلاد وأرسلوا دعوات عبر الإنترنت، وقد استجابت لذلك مليون أسرة، وتهدف هذه الدعوة إلى توفير أوضاع ملائمة لزيادة الاجتماعات العائلية والقراءة والتدريب والاستمتاع بالطبيعة والتفكير والإبداع والإنتاجية[13].

في الغرب تقوم هذه الدعوات لأجل الأسرة والقراءة والإبداع لما للإفراط في مشاهدة التلفزيون من آثار اجتماعية سيئة على الأسرة وسلبية على القراءة والإبداع والإنتاجية، وإضافة إلى هذه الأمور نحن كمسلمين لدينا من الدواعي الكثيرة التي تجعلنا أكثر حرصاً منهم كالحفاظ على ديننا وحياتنا وثقافتنا وأوقاتنا.

وفي نهاية هذا العرض والتقديم المختصر لما تفضل به د. إبراهيم الريس ود. خالد القا سم أسرد أسماء المحاضرات الأخرى التي أقيمت في هذه الندوة:
1- من معالم المنهج النبوي في تربية الأطفال والناشئة د. عادل الشدي.

2-فهم نفسية الأطفال أ.د. عمر المفدى.

3 - الغيرة بين الأبناء الأسباب والعلاج د.عبد الله الناصر.

4- الثواب والعقاب في التربية د.خالد الدريس.

وقد خرجت هذه الندوة بتوصيات عدة، من أبرزها:
1 - دعوة الجهات التربوية والإعلامية والمالية إلى إنشاء مؤسسات إنتاج متميّزة ومنافسة تقدم برامج الأطفال بإشراف تربويين مؤهلين.

2 - توجيه طلاب الكليات الإعلامية إلى دراسة أثر وسائل الإعلام في التربية، واقتراح مشاريع رائدة للمعالجة،وتدريب الكوادر التربوية للتعامل مع وسائل الإعلام.

3 - تكثيف الدورات لعامة الناس حول الطفولة وخصائصها النفسية، والعناية بالتربية الوقائية.

4 - دعوة الكليات التربوية إلى التواصل مع وسائل الإعلام الحديثة، مثل: الإنترنت، والفضائيات العربية، ومخاطبتها لزيادة البرامج الهادفة وحجب ما يسيء تربوياً للمشاهد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مجلة المعرفة، العدد 24، ربيع الأول، 1418هـ، ص 54.
[2] دور البيت في تربيـة الطفل المسلم لـ خالد أحمد الشنتوت، دار المطبوعات الحديثة، جدة، الطبعة الرابعة، 1990م، ص 110.
[3] الفضائيات والإنترنت معالجة السلبيات لدى الناشئة تعزيزاً للإيجابيات، د. ذوقان عبدالله عبيدات، ضمن ندوة التربية الوقائية، مكتب التربية العربي لدول الخليج المنفذة في جده 8-9/4/1424هـ، ص: 15.
[4] مجلة الحرس الوطني، العدد 106، ذو الحجة ومحرم وصفر 1422/1423هـ، ص 34-38.
[5] مجلة الأسرة، عدد 96، ربيع الأول، 1422هـ، ص 23.
[6] آثار مشاهدة التلفزيون على تنمية عادة القراءة عند طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية، كلية المعلمين بالدمام، الطبعة الأولى، 1412هـ، ص 7، 63.
[7] الأب الثالث والأطفال الاتجاهات الحديثة لتأثيرات التلفزيون على الأطفال، محمد معوض، دار الكتاب الحديث، الكويت، الطبعة الأولى، 1420هـ، ص 21، 27، 38.
[8] مجلة الأسرة، عدد 40، رجب، 1417هـ، ص11.
[9] مجلة جامعة الملك سعود، مجلد 8، العلوم التربوية والدراسات الإسلامية (1) ص 306-307.
[10] مجلة الأسرة، عدد 40، رجب، 1417هـ، ص 13.
[11] مجلة المعرفة، عدد37، ربيع الآخر، 1417هـ، ص 78.
[12] مجلة الأسرة، عدد 40، رجب، 1417هـ، ص 13.
[13] انظر مجلة الأسرة، عدد 40، رجب، 1417هـ، ص 13.
: تشير نظرية الغرس الثقافي إلى أن التلفزيون أصبح أحد أفراد العائلة؛ حيث يبدأ الأطفال بالارتباط به في سن مبكرة، كما يؤدي دوراً ثقافياً؛ فهو يزود المشاهدين بالمعلومات الدينية والتاريخية والجغرافية وسائر العلوم؛ وهذه من محاسن وفوائد هذا الجهاز، إلا أن هذه الفوائد محدودة بعدة أمور:
وقد بدأ د. خالد حديثه بمقدمة ذكر فيها:"أن أهم ما يتميز به هذا العصر هو التطور السريع في وسائل الإعلام والاتصال، ويكفي في ذلك ما وصل إليه البث الفضائي وشبكة الإنترنت من تقدم هائل؛ حيث يمكن لأي فرد مشاهدة مئات القنوات التي تبث من شرق العالم وغربه، والاتصال عبر الشبكة العالمية والإطلاع على كثير من المواقع، وهذا كله أصبح متاحاً لجميع أفراد الأسرة حتى المراهقين والأطفال، ويزداد سهولة واستخداماً عاماً بعد عام.
 
، المتمثل في العري أو الغزل أو ملاحقة فتيات أو الصداقة بين فتى وفتاة يعيشان حياة المغامرة سويّاً ويواجهان الصعاب، وبهذا يعيش الطفل في حالة تناقض بين مايراه ويتمتع بمشاهدته في هذه الوسائل وبين ما يعيشه في مجتمعه ويتلقاه من تعليمات وتربية من أسرته أو مدرسته. ومن الأمثلة عل ذلك برنامج (كبتن ماجد)حيث يصوّر حضور الفتيات للمباريات وتشجيع اللاعبين والرقص والصراخ والمعانقة بين الجنسين حال تسجيل الهدف يصوّره أمراً عاديّاً جداً، ومن ثم تلاحق الفتاة لا عبها المفضل وتقدم له الهدية تعبيراً عن المحبة!!
 
د. تيسير بن سعد بن راشد أبو حيمد

المصدر : موقع الالوكة
 
أكمل قراءة الموضوع ...

شرح متن الشاطبية للشيخ وليد جناحي حفظه الله





حياكم الله إخوتي الكرام أتمنى أن تكونوا بصحة وعافية ،، 
أسعدكم في الدنيا والآخرة،،

من باب خدمة كتاب الله تبارك وتعالى وأهله نتشرف بإضافة سلسلة مباركة من الدروس العلمية في شرح متن الشاطبية المعروف بـ (حرز الاماني ووجه التهاني في القراءات السبع) والتي يلقيها فضيلة الشيخ الدكتور وليد جناحي حفظه الله تعالى وذلك بغرفة صوت القرآن بارك بالقائمين عليها، وجزا خيرا شيخنا الحبيب وليد جناحي على تفانيه في خدمة كتاب الله تبارك وتعالى وتقبل الله منه، والشيخ حفظه الله تعالى غني عن التعريف ومن نحن حتى نتكلم عن غزارة علمه وجمال تواضعه وأدبه نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله احدا، وإن تيسر سندرج ترجمة له مختصرة عن سيرته العلمية والدعوية المباركة..وجزا الله خيرا كل من ساهم في تسجيل دروس الشيخ والتي هي في الحقيقة دروس نفيسة ونادرة وغنية بالفائدة وحري بطلابه وطالباته ممن يتيسر لهم تسجيل هذه المواد ان لا يترددوا في ذلك وان لا يبخلوا على إخوانهم بنشرها حتى تعم الفائدة ويكون لكم الاجر والثواب بإذن الله تعالى فالدال على الخير كفاعله ..

 أنبه الاخوة والاخوات الذين يسجلون الدروس عند تسجيلهم ان ينتبهوا للاتي حتى تخرج التسجيلات بجودة مقبولة :
- اختيار برنامج مناسب للتسجيل
- تفقد اعدادات الصوت بحيث تكون هذه الخاصية شغالة (ستيريو ميكس)
- إغلاق البرامج التي تثقل الجهاز
- عند التسجيل يُنتبه الى عدم فتح مواقع او برامج معينة لأن هذا يتسبب في تقطيع الصوت ومن ثم في اخراج مادة رديئة التسجيل
- عدم الخروج من الغرفة لأن هذا يتسبب في بتر كلام بحيث لا يكتمل فتضيع الفائدة !!

* من يريد ان يسجل ولا يعرف كيف يمكن ان نشرح له ذلك بإذن الله ان تيسر ولا مانع 


الان اترككم مع الدروس وتابعوا هاته الصفحة فكل الدروس ستضاف فيها بإذن الله تعالى وتوفيقه :








http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_1136.html

http://khaled-islam.blogspot.com/2014/05/blog-post.html

http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_4326.html

http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_9951.html



     http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_1077.html

    http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_8086.htmlhttp://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_8086.html

   http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6337.htmlhttp://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6337.html

 http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6816.htmlhttp://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6816.html

 http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6575.htmlhttp://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_6575.html

http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_3700.html

http://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_2596.htmlhttp://khaled-islam.blogspot.com/2013/02/blog-post_2596.html



رفع الدروس مستمر بإذن الله تعالى (جزا الله خيرا من يمدنا بالتسجيلات)...
ونعتذر لكم عن الانقطاع لظروف خاصة..






أكمل قراءة الموضوع ...

الأسماء المستعارة الإلكترونية وهم أم حقيقة؟


الأسماء المستعارة الإلكترونية وهم أم حقيقة؟


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الكثيرين من روَّاد الشبكة العنكبوتية يتعاملون مع الأسماء الإلكترونية على أنها وهمٌ لا حقيقة؛ مما يجعلهم يَقعون في أخطاء قد تُكلِّفهم الكثير في الدنيا قبل الآخرة، ومن ضِمن هذه الأخطاء الخطيرة التي يقع فيها كل مَن يعتقد هذا الاعتقاد اللامسؤول: أذية الآخرين وظلْمهم، وإساءة الظنِّ بهم، ومُخاطبتهم بكلمات قد تَجرَح مشاعرَهم، لا سيما أن الشيطان يُمهِّد لهم الطريق لفِعْل هذا الشيء بواسطة إيهامهم أن هذه أسماء وهميَّة فقط، وأن تأثير الكلام عليها لن يكون له أثرٌ ملموس على أرض الواقع بالسلب أو الإيجاب، مُتجاهلين أن وراءها نفوسًا بشرية، بعظمها ولحمها، وعقلها وقلبها، تُحِس وتشعر، وتفرح وتحزن!

فانتبه أيها العاقل - رحِمك الله - فإن أي كلام قد توجِّهه لأي شخص على الإنترنت، له نفْس التأثير عندما توجِّهه إلى الشخص ذاته خارج الإنترنت، وهذا شيء تُحِس به بنفسك وتتفاعَل معه وتشعر به حقيقة.

وكمِثال على ذلك: عندما يُعلِّق شخص ما عليك - سواء على الفيس بوك، أو منتدى، أو أي مكان آخر على الشابكة - ويُسيء إليك بالسّب والشتم، أو يتَّهِمك اتهامات أنت منها بريء براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام - لاحظ كيف أثَّر ذلك على نفسك؟! بل وعلى شعورك نحو هذا الشخص؛ بل وعلى رِدَّة فِعلك تُجاه كلامه! ونفس الشيء لو مدَحك شخص آخر، وأثنى عليك، وقال لك كلامًا طيبًا ومشجِّعًا، كيف يكون أثره على نفسك؟ بل وعلى شعورك نحوه؟ بل وعلى رِدَّة فِعلك تُجاه ما قاله، فهل يستويان عندك؟ كلا وألف كلا!

فإياك إياك أن تقول في نفسك: إن هذا الشخص لا يعرفني، ولم يَرني؛ فتنهال عليه بكلام لا تَرضى أن يُقال لك، ثم تُغلِق صفحة الفيس بوك أو المنتدى أو الموقع أو البرنامج، وأنت مطمئن البال، معتقدًا أن كل شيء على ما يُرام؛ لسذاجتك! وأنت قد تسبَّبت له في صدمة نفسيَّة، وأذى كبير لا يعلَمه إلا الله - سبحانه وتعالى - مما دفعه إلى الدعاء عليك وأنت لا تعلم، وتعلم أن دعوة المظلوم مُستجابة، وليس بينها وبين الله حجاب!

نعم، قد يُخالِفك الشخص في المنهج أو العقيدة أو الفكر أو الرأي أو الديانة أو غير ذلك، ومع هذا فليس لك الحق في أن تُسيء إليه بأي نوع من أنواع الإساءة، فكن خيرَ سفير لإسلامك، وخير قدوة لإخوانك، بعفَّة لسانك، وجمال أخلاقك، واحترامك للآخرين، ولن يُعينك على ذلك إلا مُراقبة الله تعالى في أعمالك وأقوالك، واستحضار الكِرام الحَفَظة عن يمينك وشمالك، لا يفوتهم تدوين كل صغيرة وكبيرة صادرة من أفعالك، واستشعارك أن هذا الشخص أمامك فعلاً، اسمًا ورسمًا!

هذا، وإن السبب في إثارتي لهذا الموضوع رؤيتي ومشاهدتي لكثير من الناس على صفحات الفيس بوك، وعلى المنتديات، وعلى البرامج الصوتيَّة، يَستسهِلون الإساءة إلى بعضهم البعض، ويتقاذَفون الألفاظ الجارحة بينهم، ويتبادلون الاتهامات دون أدنى حِسٍّ من المسؤولية، ودون إدراك لعواقبها العاجلة في الدنيا، والآجلة في الآخرة!

وإنني لأَهْمِس في آذان كلِّ واحد من هؤلاء - ممن ظلَم إخوانه بقول أو فعل - أن يتدارَك أمره الآن قبل فوات الأوان، فيَعتذِر لكلِّ مَن أساء إليهم قبل أن ينزل الموت بأحدهما فيكون خَصيمه يوم القيامة، ومن كان له خُصماء يوم القِصاص فليخشَ على حسناته من تحويلها إلى حسابهم، فيكون بذلك من المُفلِسين! نعم، من المفلسين؛ فقد قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما المُفلِس؟))، قالوا: "المُفلِس فينا من لا درهم له ولا متاع"، فقال: ((إنّ المُفلِس من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخِذ من خطاياهم فطُرِحت عليه ثمّ طرح في النّار))؛ أخرجه أحمد (2/334، رقم 8395)، ومسلم (4/1997، رقم 2581)، والترمذي (4/613، رقم 2418)، وقال: حسن صحيح، وأخرجه أيضًا: الطبراني في الأوسط (3/156، رقم 2778)، والديلمي (2/60، رقم 2338).

واقتباسًا من هذا الحديث الجليل الذي يَهتزُّ له القلب، لك أن تتخيَّل معي الآتي:
تخيَّل أنه عند أول نظرة تُلقيها على صحيفة أعمالك يوم القيامة، لا تجد فيها حسنات تَعِبت من أجل تحصيلها في الدنيا، فتسأل في ذهول، وعقلك يكاد يَطيش من مكانه، أي ربِّ، أين حسناتي؟! (صلواتي، زكواتي، صدقاتي، حَجي، عمرتي، ذِكري، تلاوتي للقرآن، دعوتي، أمري بالمعروف، نهيي عن المنكر، إحساني للناس، برِّي بالوالدين، صِلتي للأرحام، بنائي للمساجد، أعمالي الخيرية.. إلخ)، فيقال لك: كلُّ حسناتك قد أُعطيتْ لمن ظلْمتَهم في الدنيا، ولا زال هناك خُصماء ينتظرون منك القِصاص! يسقط عليك الخبر كالصاعقة، وتَمتزِج دموعك بالخوف والهَلَع والحزن، وهول الصدمة وشدة الموقف؛ لأنك في أمسِّ الحاجة لهذه الحسنات، وكيف لا، وهي سبب لدخولك الجنة ونجاتك من النار بعد رحمة الله - تبارك وتعالى؟!

لا تكاد تُصدِّق ما يجري حتى تُكرِّر النظرَ مرة أخرى في صحيفتك، فتجد بها سيئات لم تعملها، فيطيش عقلك مرة أخرى، ولسانُك عاجِز عن الكلام، لا يكاد يتفوَّه بكلمة واحدة، تُحاوِل استجماع أنفاسك لتسأل مرة أخرى بصوت خافِت مُتقطِّع، تأتاء متحشرِج مبحوح: أي ربّ هذه سيئات لم أعملْها؟! فيُقال لك: هذه سيئات مَن ظلمتْهم في المُحادَثة! هذه سيئات من ظلمتهم في المعاملة! هذه سيئات مَن ظلمتهم في المُبايعة! هذه سيئات مَن ظلمتَهم في المُجاوَرة! هذه سيئات من ظلمتهم في المحاضرة! هذه سيئات من ظلمتهم في المناظرة! هذه سيئات من ظلَمتَهم في المذاكرة! هذه سيئات من سَبَبتهم! هذه سيئات من شتمتهم! هذه سيئات من اغتَبتهم! هذه سيئات، هذه سيئات... ثم تَسقُط مغشيًّا عليك ثم تُجرّ فتُطرَح في النار!! نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية.

نعم، أخي الحبيب، أختي الفاضلة، فإن ((الظُّلم ظُلمات يوم القيامة))، فقبل أن يَحين ذلك اليوم، فلنُسارِع ولنُبادِر إلى تصحيح أخطائنا، ولنعتذِر لكل من أسأنا إليهم بقصد أو بغير قصْد، أو تَخاصمنا معهم بسبب سوء تفاهُم ما، فلنبحث عنهم، ولنُراسِلهم، ولنطلب منهم المسامحة والعفو والصَّفح، ولندعُ الله لهم، ولنستغفر لهم، ولا يظن أحد منا أن الاعتذار موقف ضعْف ومَنقَصة ومذلَّة، لا والله؛ بل بالعكس تمامًا؛ فالاعتذار مروءة وشهامة، كبرياء وكرامة، الاعتذار صفةٌ نبيلة لا يُجيدها إلا النبلاء ذوو القلوب الصافية، والنفوس الجميلة، والمشاعر الراقية!

الاعتذار يجعلك تَكبُر في عين مَن يَستحقُّه منك، ويُزيل ما بينك وبينه من عداوة وشحناء، وكراهية وبغضاء، ويقوم مقامها المحبة والأُلفة، والاحترام والإجلال؛ بل والأهم من ذلك كله إنقاذ رصيد حسناتك من الإتلاف والإفلاس، وإنقاذ نفسك من الهلاك والخُسران!

أما والله إن الظُّلمَ لؤمٌ
وما زال المُسيء هو الظلومُ
إلى ديَّان يوم الدِّين نَمضي
وعند الله تَجتمِعُ الخصومُ
لأمر ما تَصرَّفتِ الليالي
وأمرٍ ما تحركت النجومُ
ستَعلَمُ في الحسابِ إذا التقينا
غدًا عند الإله من المَلومُ
سينقطع التروُّح عن أُناسٍ
من الدنيا وتَنقطِع الغمومُ
(أبو العتاهية)

هذه كلمات أحببتُ أن أُذكِّر بها نفسي قبل إخواني..
فأتمنَّى أن تَلقى صداها لدى كلِّ قارئ..

كما أستغِلُّ الفرصة لأعتذِر لكلِّ مَن أسأت إليه أو أخطأت في حقه من قريب أو بعيد؛ فكلنا خطَّاء، وخير الخطائين التوابون.

صفا الوُدُّ إن كان الذي منكمُ يصفُو
وقد زال همِّي إن أُزِيلَ لكم هَمُّ
ويُسرِع خطوي نحو من قد ألِفْتُهمْ
بكل طريق ليس يبقى لهم غمُّ
ألا يا رِفاقَ الدَّربِ قولوا بِرَبِّكُمْ
أيصفو رفيقٌ في الحياة هنا يَسْمُو؟
وقد كُدِّرَ الماءُ الزُّلالُ وإن جرَى
على رفرفٍ خُضْر الجبال لنا شمُّ
يُترجِم آلامي ويبكي مدامعي
فقلبي لكم بالحبِّ يبكي هنا الدَّمُّ
فليس لكم ذنبٌ ولستُ ألومكُمْ
فقد زانتِ الأخلاق وابتَعْد الذَّمُّ
فقد أخطأتْ في حقكم كُلُّ كلمةٍ
وظَنٍّ فأمسينا كما أننا الصُّمُّ
فقابلتُم ذاك الأذى كلَّ حكمةٍ
تحمَّلتُمونا والأذى المُكْثَرُ الجمُّ
وواجَهْتُمُ جهلي بحِلمِ كرامةٍ
فأُلبِستُمُ من حُلِّةٍ وَشْيُها رَسْمُ
أتموا علينا ما توافر أصلهُ
بكم من سماحاتٍ لها الرَّوْنَقُ الصَّمُّ
فقد قيل: إن الحلم يبعث أهلهُ
على الكرم الصافي وأخلاقنا تسمو
أحبكمُ رغمَ العواصِف والهوَى
ورغم الرياح العاتيات الألى بُهْمُ
فمهما جرى تَبقى المودَّة بَيْنَنا
فلا تحرموني قُرْبَكم أيها الشمُّ
ألم تذكروا قربي وصافي مودتي
أقدمها إذ كان فيها لكم قَسْمُ
ألم تشتهوا يومًا كتابات خَطّهَا
يراعي لكم شاعت وكان لها رسمُ
فعودوا سريعًا فتِّحوا كل نافذٍ
لقتل سقيم الحزن في رُوحه السمُّ
(حمد العقيل)

واللهَ أسأل أن يتجاوَز عنا ويرحمنا ويغفر لنا ذنوبَنا وإسرافنا في أمرنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عليه توكَّلنا وبه نستعين.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين.


أسئلة مفتاحية لتعليقات للقراء الكرام  : 

حدثنا عن هذه الظاهرة من وجهة نظره الخاصة ،، ؟
كيف ترى هذه الظاهرة؟
وهل هي فعلا موجودة وملموسة؟
بماذا تنصح من ينظر إليك على أنك وهم لا حقيقة؟
هل حصلت معك مواقف معينة فيها عبرة نستفيد منها جميعا؟
هل هناك من الأسماء (الوهمية في نظر البعض) ما كان له أثر إيجابي في نفسك؟
ماهي الحلول التي تقترحها لعلاج هذه الظاهرة؟

وجزاكم الله خيرا
 ودمتم بود
يمكنكم التعليق بهاته الصفحة أو صفحة موقع الألوكة 
http://www.alukah.net/Sharia/0/53362
أكمل قراءة الموضوع ...

تـأكـد مـن صـحـة الحـديث قبـل نشـره

بحث عن:

ولا تنسـى أخاك خالد إسـلام من الدعـاء

الصفحة   الرئيسية