يقول البرفيسور" ريتشارد ويلكنز- رئيس المركز الدولي للسياسات الأسرية" : ( إنّ المجتمع الغربي قد دخل دوامة الموت ، ويريد أن يجرّ العالم وراءه ) ، الأمر الذي يتضح جلياً من خلال ما تنادي به الاتفاقيات الدولية من شعاراتٍ لمصطلحاتٍ براقةٍ في حين أنّ مضامينها تدخل في الدوامة التي أشار إليها البرفيسور ريتشارد !
ومن هذه المصطلحات " المساواة التامة بين الرجل والمرأة ، تمكين المرأة ، التمييز ضد المرأة ... " حيث تسعى هيئة الأمم المتحدة جاهدة لجعل هذه الاتفاقيات مرجعية عالمية موحدة ، متجاهلة بدورها الأديان ، والقيم ، وفي هذا الشأن عقد مؤتمر ( بكين +15 ) في الفترة من 1-12 مارس 2010م ، حيث تمَّ في بدايته اعتماد الإعلان السياسي من قبل لجنة مركز المرأة ، والذي تتعهد فيه جميع الوفود الرسمية بالتطبيق الشامل لاتفاقيات المرأة ، وفي مقدمتها ( اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – سيداو ) ، التي صادقت عليها جميع الدول بما فيها العربية والإسلامية باستثناء السودان و أمريكا وإسرائيل ! مما يوحي بازدواجيةٍ صارخةٍ للمعايير ، فما تنادي به أمريكا عبر هذه الاتفاقيات وتلزم به جميع الدول لا تصادق عليه كونه يتعارض مع ثقافتها !
ولعلي أوجز أخطر ما جاء في التقرير فيما يلي :
1- الإصرار على تطبيق مساواة الجندر ( Gender Equality ) الذي يعني إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة ، ويشمل الفروق في الأدوار ، والتقنينات ، كما يشمل الاعتراف بالشواذ ومنحهم كافة الحقوق من باب المساواة ! ، وإدماج منظور الجندر في التعليم من خلال برامج تعليم الجنس التي تشمل الممارسات الشاذة باعتبارها آمنة ! ويعود أصل هذه الكلمة لامرأة صهيونية تدعى " بالا بندوك " ، وهي أول من طالب بنشر الشذوذ والاعتراف به في الكونجرس ، وقد راوغت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي في طرح مفهوم الجندر ، من خلال رفضها لتعريف مصطلحه ، وقامت بترجمته ترجمةً مغلوطةً في النسخ العربية إلى المساواة بين الجنسين - والأمم المتحدة كما هو معروف لا تعترف إلا بالنسخة الإنجليزية فقط - وإذا ما انتشر المصطلح وتمّ تداوله انتقل إلى المرحلة الثانية وهي التعريف الحقيقي له وتطبيقه .
2- اعتبار اتفاقية ( السيداو ) الإطار العام لتعريف حقوق الإنسان للمرأة ، والمطالبة الصريحة والملحة بالتساوي المطلق في التقنينات الخاصة بالأسرة في الزواج ، والطلاق ، والميراث ، وجميع الأحكام المتعلقة بالأسرة ، حيث تعد هذه المطالبة وسيلة ملتوية للالتفاف على التحفظات السابقة التي وضعتها الدول بعد مصادقتها على اتفاقية السيداو ، وذلك من خلال إعادة صياغة البنود المتحفظ عليها على شكل بنود جديدة في الوثائق السنوية الجديدة ! ( الفقرات 287-289-295).
3- الإلحاح الشديد على ضرورة تقديم خدمات الصحة الإنجابية للمراهقين ، حيث تشمل التدريب على استخدام وسائل منع الحمل ، وتوفيرها لهم بالمجان أو بأسعار رمزية ، ومن ثمَّ تقنين الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب !
4- الاستنكار الشديد لاختصاص المرأة برعاية المنزل والأطفال والزوج ،وتسميته بالتقسيم الجندري للعمل داخل الأسرة ، والمطالبة بالقضاء عليه ، وذلكَ تحت ذريعة ارتباط المرأة بالفقر عند قيامها بهذه الأدوار غير مدفوعة الأجر ، في حين أنَّ الرجال يعدون أغنياء لقيامهم بأعمال مدفوعة الأجر !
وفي نهاية المؤتمر أعلنت هيئة الأمم المتحدة إنشاء هيئة جديدة خاصة بمساواة الجندر تجمع تحتها كل هيئات الأمم المتحدة المعنية بذلك ، ورصدت ( بليون ) دولار لتأسيس تلك الهيئة، وذلكَ لضمان نفوذ واسع وتأثير أكبر كونها تتبع الأمين العام مباشرة ، وبالتالي ستتيح مساحة كبرى للمنظمات النسوية غير الحكومية في اتخاذ القرارات والعمل ! (اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل 3/2010م ).
ويعد مدخل التمكين (Empowerment ) أحدث المناهج المستخدمة في الاتفاقيات الدولية لإدماج المرأة في التنمية، ووسيلة لتحقيق أهداف ( الجندر) ، في حين أنّ تمكين المرأة في المنظور الإسلامي هو تمكين للأسرة والمجتمع (د.نورة العدوان ،3، 1425هـ) ، وقد أكدَّ الإعلان الإسلامي لدور المرأة في تنمية المجتمع الصادر في 29/9/2000م على أنَّ من أهداف الإسلام بناء مجتمع يكون فيه لكل من الرجل والمرأة دور متكامل في عملية البناء والتنمية ، وقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها كاملة على أساس ينسجم مع دورها الرئيس في الحياة ( د.فؤاد العبدالكريم، مجلة البيان ، 2005م ) .
وفي ردٍ على هذه الاتفاقيات الدولية التي تستهدف المرأة باعتبارها حجر الزاوية في الأسرة ، تمَّ إعداد ( ميثاق الأسرة في الإسلام ، 1430هـ) من قبل نخبةٍ من العلماء المسلمين ، وبإشراف من اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ، وقد تمت ترجمته إلى ست لغات حية ، وتسعى اللجنة لتعميمه على دول العالم ، حيث يعد مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة المستمدة من الكتاب والسنة ، ويوضح أهم العلاقات ، والحقوق ، والواجبات الأسرية لكل من الرجل والمرأة .
وآمل في الختام تضافر الجهود التوعوية والحذر من نشر وتداول المصطلحات المنبثقة عن هذه الاتفاقيات ، والتبصر في أهدافها ، واستراتيجيات تطبيقها ، وعدم الانسياق خلف بريق ألفاظها ، ونشر ذلك في المحيط الخاص والعام ، فليستحث كلّ غيور همته ، وصاحب القلم كلمته في سبيل ذلك ما استطاع ، وعلى الله قصد السبيل .
قمراء السبيعي
كاتبة و باحثة تربوية .
ومن هذه المصطلحات " المساواة التامة بين الرجل والمرأة ، تمكين المرأة ، التمييز ضد المرأة ... " حيث تسعى هيئة الأمم المتحدة جاهدة لجعل هذه الاتفاقيات مرجعية عالمية موحدة ، متجاهلة بدورها الأديان ، والقيم ، وفي هذا الشأن عقد مؤتمر ( بكين +15 ) في الفترة من 1-12 مارس 2010م ، حيث تمَّ في بدايته اعتماد الإعلان السياسي من قبل لجنة مركز المرأة ، والذي تتعهد فيه جميع الوفود الرسمية بالتطبيق الشامل لاتفاقيات المرأة ، وفي مقدمتها ( اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – سيداو ) ، التي صادقت عليها جميع الدول بما فيها العربية والإسلامية باستثناء السودان و أمريكا وإسرائيل ! مما يوحي بازدواجيةٍ صارخةٍ للمعايير ، فما تنادي به أمريكا عبر هذه الاتفاقيات وتلزم به جميع الدول لا تصادق عليه كونه يتعارض مع ثقافتها !
ولعلي أوجز أخطر ما جاء في التقرير فيما يلي :
1- الإصرار على تطبيق مساواة الجندر ( Gender Equality ) الذي يعني إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة ، ويشمل الفروق في الأدوار ، والتقنينات ، كما يشمل الاعتراف بالشواذ ومنحهم كافة الحقوق من باب المساواة ! ، وإدماج منظور الجندر في التعليم من خلال برامج تعليم الجنس التي تشمل الممارسات الشاذة باعتبارها آمنة ! ويعود أصل هذه الكلمة لامرأة صهيونية تدعى " بالا بندوك " ، وهي أول من طالب بنشر الشذوذ والاعتراف به في الكونجرس ، وقد راوغت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي في طرح مفهوم الجندر ، من خلال رفضها لتعريف مصطلحه ، وقامت بترجمته ترجمةً مغلوطةً في النسخ العربية إلى المساواة بين الجنسين - والأمم المتحدة كما هو معروف لا تعترف إلا بالنسخة الإنجليزية فقط - وإذا ما انتشر المصطلح وتمّ تداوله انتقل إلى المرحلة الثانية وهي التعريف الحقيقي له وتطبيقه .
2- اعتبار اتفاقية ( السيداو ) الإطار العام لتعريف حقوق الإنسان للمرأة ، والمطالبة الصريحة والملحة بالتساوي المطلق في التقنينات الخاصة بالأسرة في الزواج ، والطلاق ، والميراث ، وجميع الأحكام المتعلقة بالأسرة ، حيث تعد هذه المطالبة وسيلة ملتوية للالتفاف على التحفظات السابقة التي وضعتها الدول بعد مصادقتها على اتفاقية السيداو ، وذلك من خلال إعادة صياغة البنود المتحفظ عليها على شكل بنود جديدة في الوثائق السنوية الجديدة ! ( الفقرات 287-289-295).
3- الإلحاح الشديد على ضرورة تقديم خدمات الصحة الإنجابية للمراهقين ، حيث تشمل التدريب على استخدام وسائل منع الحمل ، وتوفيرها لهم بالمجان أو بأسعار رمزية ، ومن ثمَّ تقنين الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب !
4- الاستنكار الشديد لاختصاص المرأة برعاية المنزل والأطفال والزوج ،وتسميته بالتقسيم الجندري للعمل داخل الأسرة ، والمطالبة بالقضاء عليه ، وذلكَ تحت ذريعة ارتباط المرأة بالفقر عند قيامها بهذه الأدوار غير مدفوعة الأجر ، في حين أنَّ الرجال يعدون أغنياء لقيامهم بأعمال مدفوعة الأجر !
وفي نهاية المؤتمر أعلنت هيئة الأمم المتحدة إنشاء هيئة جديدة خاصة بمساواة الجندر تجمع تحتها كل هيئات الأمم المتحدة المعنية بذلك ، ورصدت ( بليون ) دولار لتأسيس تلك الهيئة، وذلكَ لضمان نفوذ واسع وتأثير أكبر كونها تتبع الأمين العام مباشرة ، وبالتالي ستتيح مساحة كبرى للمنظمات النسوية غير الحكومية في اتخاذ القرارات والعمل ! (اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل 3/2010م ).
ويعد مدخل التمكين (Empowerment ) أحدث المناهج المستخدمة في الاتفاقيات الدولية لإدماج المرأة في التنمية، ووسيلة لتحقيق أهداف ( الجندر) ، في حين أنّ تمكين المرأة في المنظور الإسلامي هو تمكين للأسرة والمجتمع (د.نورة العدوان ،3، 1425هـ) ، وقد أكدَّ الإعلان الإسلامي لدور المرأة في تنمية المجتمع الصادر في 29/9/2000م على أنَّ من أهداف الإسلام بناء مجتمع يكون فيه لكل من الرجل والمرأة دور متكامل في عملية البناء والتنمية ، وقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها كاملة على أساس ينسجم مع دورها الرئيس في الحياة ( د.فؤاد العبدالكريم، مجلة البيان ، 2005م ) .
وفي ردٍ على هذه الاتفاقيات الدولية التي تستهدف المرأة باعتبارها حجر الزاوية في الأسرة ، تمَّ إعداد ( ميثاق الأسرة في الإسلام ، 1430هـ) من قبل نخبةٍ من العلماء المسلمين ، وبإشراف من اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ، وقد تمت ترجمته إلى ست لغات حية ، وتسعى اللجنة لتعميمه على دول العالم ، حيث يعد مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة المستمدة من الكتاب والسنة ، ويوضح أهم العلاقات ، والحقوق ، والواجبات الأسرية لكل من الرجل والمرأة .
وآمل في الختام تضافر الجهود التوعوية والحذر من نشر وتداول المصطلحات المنبثقة عن هذه الاتفاقيات ، والتبصر في أهدافها ، واستراتيجيات تطبيقها ، وعدم الانسياق خلف بريق ألفاظها ، ونشر ذلك في المحيط الخاص والعام ، فليستحث كلّ غيور همته ، وصاحب القلم كلمته في سبيل ذلك ما استطاع ، وعلى الله قصد السبيل .
قمراء السبيعي
كاتبة و باحثة تربوية .
|
ماذا حدث في مؤتمر ( بكين + 15 ) ؟! |
|
قمراء السبيعي |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أن تعلق أخي الفاضل ..
وقبل أن تعلقي أختي الفاضلة ..
تذكرا قول الله تبارك وتعالى :
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
ملاحظة : إذا أردت التعليق ولم تكن مشارك بأي موقع من المواقع الموجودة أدناه ..
اختر هذا الخيار (URL الاسم/العنوان)
ثم تكتب اسمك بدون وضع أي رابط ..
وإذا أردت أن أن تصلك إشعارات على بريدك بوجود تعليقات جديدة على نفس الصفحة التي علقت عليها فاختر "الاشتراك عن طريق البريد الإلكتروني" الموجود تحت صندوق الكتابة
والله الموفق