الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد .
فقد نشرت جريدة الجزيرة ( بتاريخ 1/11/1425هـ في عددها 11764 ) إعلاناً لشركة المملكة القابضة في صفحتين كاملتين ، وقد صدر الإعلان بقوله تعالى : { لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ } ( النساء 32 ) وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما النساء شقائق الرجال " . ثم جاء في الإعلان بالخط العريض : " لأول مرة في تاريخ المملكة شركة المملكة القابضة توقع عقود عمل مع أول امرأة سعودية حاصلة على رخصة كابتن طائرة ، بالإضافة إلى طاقم من خمس سعوديات ضمن التعاليم الإسلامية"اهـ.
إن ما دعت إليه شركة المملكة القابضة والعقود التي أبرمتها ــ كما في الإعلان ــ هو أمر محرم شرعاً ؛ فلا يجوز للمرأة أن تعمل كابتن طائرة ، أو مضيفة ، ولا يجوز لأي جهة توظيفها ، ولا الإعلان عن ذلك ، ولا الدعاية له ، ومن الأدلة على التحريم :
أولاً : أن عمل المرأة على متن الخطوط الجوية يلزم منه سفرها بلا محرم ؛ ولا يجوز للمؤمنة أن تسافر بلا محرم لصريح حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له . حتى قال جمع كبير من العلماء إن الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام يسقط وجوبه على المرأة إذا لم تجد محرماً يسافر معها .
ثانياً : يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة وقوعها في الاختلاط المحرم مع العاملين وغيرهم ، والاختلاط بين الجنسين محرم شرعاً ومفاسده في الخطوط الجوية على وجه الخصوص لا تخفى على العقلاء ، والأدلة على تحريم الاختلاط كثيرة جداً ، ومنها :
1. حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء . فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت" متفق عليه .
2. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات " أخرجه أبو داود بسند صحيح .
3. وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " أخرجه البخاري . قال ابن شهاب (وهو الزهري ) : فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم .
ثالثاً : يلزم من عمل المرأة على متن الطائرة نزعها للجلباب الذي أمر الله به نساء المؤمنين ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }(59 الأحزاب) . ولما اعتذر بعض النساء عن الخروج لصلاة العيد بسبب عدم وجود الجلباب ، لم يرخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجلباب أو الاكتفاء بوضع الخمار ، بل أمر به فقال : " لتلبسها صاحبتها من جلبابها .. " متفق عليه .
وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في تحريم عمل المرأة مضيفة برقم ( 8259) وهذا نص السؤال والجواب :
" السؤال : هل يجوز للمرأة المسلمة أن تعمل في الخطوط الجوية كمضيفة ، أو في الفنادق وما إلى ذلك ؟ .
الجواب :
أولاً : عملها في الخطوط الجوية كمضيفة يستلزم سفرها بلا زوج ولا محرم كما يشهد له الواقع ، ومع ذلك يعرضها للاحتكاك بالرجال ، ورؤيتهم منها ما لايحل لهم ، وكل ذلك محرم .
ثانياً : عملها في الفنادق مثار فتنة ، ومدعاة لاختلاط بها مريب ، ومظنة لخلوة الأجانب بها ، وفي ذلك ما فيه من الشر المستطير وفساد المجتمع .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبدالله بن قعود ( عضو ) ، عبدالله بن غديان ( عضو ) ، عبدالرزاق عفيفي (نائب الرئيس) ،
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ( الرئيس ) .
رابعاً : صدر الإعلان بآية وحديث ، وفي هذا إيهام للناس بأن هذين النصين يدلان على جواز عمل المرأة على متن الطائرة ، وليس الأمر كذلك . وختم الإعلان بوصف توظيف المرأة على متن الطائرة بأنه (ضمن التعاليم الإسلامية ) وقد تبين مما سبق أنه مخالف للأحكام الشرعية .
والجهة المعلنة وهي ( شركة المملكة القابضة ) لاتحمل تخصصاً شرعياً ، ولا يشرف عليها لجنة شرعية معتمدة ؛ وعليه فإنه ليس لها حق التحديد أو الفتيا بجواز عمل المرأة على متن الطائرة ، أو أن عملها هذا ضمن تعاليم الإسلام ، أو الاستدلال بآية وحديث لا دلالة فيهما لا من قريب ولا من بعيد على جواز عمل المرأة في الطائرة .
وأخشى أن يكون تذييل دعاوى تغريب المرأة بأنها ضمن تعاليم الإسلام هو نوع من الاستهزاء بشريعة الإسلام .
وأخيراً فإن الدعوة إلى عمل المرأة على متن الطائرة هو من مطالب الليبراليين ودعاة التغريب ، فمن بدأ أو دعا إليه فإنه يصدق فيه حديث جرير بن عبدالله رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " .. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " أخرجه مسلم .
والواجب شرعاً على شركة المملكة القابضة أن تعلن توبتها وتراجعها من هذا الإعلان وما تضمنه من مخالفات شرعية ، وبهذا ينتهي الموضوع ، وبالله التوفيق .
د. يوسف بن عبدالله الأحمد
5/11/1425هـ.
|
عمل المرأة في الطائرة |
|
د. يوسف بن عبدالله الأحمد |
0 التعليقات:
إرسال تعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أن تعلق أخي الفاضل ..
وقبل أن تعلقي أختي الفاضلة ..
تذكرا قول الله تبارك وتعالى :
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
ملاحظة : إذا أردت التعليق ولم تكن مشارك بأي موقع من المواقع الموجودة أدناه ..
اختر هذا الخيار (URL الاسم/العنوان)
ثم تكتب اسمك بدون وضع أي رابط ..
وإذا أردت أن أن تصلك إشعارات على بريدك بوجود تعليقات جديدة على نفس الصفحة التي علقت عليها فاختر "الاشتراك عن طريق البريد الإلكتروني" الموجود تحت صندوق الكتابة
والله الموفق